الخميس، 12 سبتمبر 2013

مكاتب ترجمة معتمدة - مصر - القاهرة - 140online

 ترجمة معتمدة  وفي خضم تلك الانتصارات المصرية المتلاحقة ، اعتلى العرش الحيثي أحد أبرز الملوك الحيثيين ، ونعني به  تودهيلياس الثاني (1460-1440 ق.م) ترجمة معتمدة   ، الذي يعد عهده بداية لما يعرف بعصر المملكة الحيثية الحديثة ، أو العصر الإمبراطور الحيثي (1460-1200 ق.م) ، حيث انه أعاد الاستقرار للدولة الحيثية في الداخل وشن حملة ناجحة على مملكة كيزواتنا ، أجبرتها على التخلي عن تبعيتها للميتانيين والانضواء تحت لواء الحيثيين(3) . Certified translation offices - Egypt - Cairo - 140online


مكاتب ترجمة معتمدة

     وفضلاً عن ذلك فقد استولى على حلب وأنزل فيها الخراب عقوبة لها على تحالفها مع الميتانيين ، ومن ثم أجبر حاكمها على أن يقدم له فروض الولاء والطاعة بموجب المعاهدة المبرمة ترجمة معتمدة   بينهما ، وليس بعيداً عن هذا فقد غزا ميتاني وأوقع الهزيمة بها ، وأضطرها إلى التنازل له عن كيزواتنا(4). 
     إن حادثة استيلاء الحيثيين على حلب ، مع إنها تعبر عن التحسن الملحوظ الذي طرأ على أحوال الدولة الحيثية في الداخل آنذاك ، بحيث تطلعت إلى محاولة استعادة نفوذها في الخارج ، وعن التدهور الواضح الذي أصاب النفوذ الميتاني في بلاد الشام جراء حملات تحتمس الثالث الأخيرة ولاسيما الثامنة منها ، فإنها مـن غير المستبعد أيضـاً تعد الانطلاقة الأولى للتنافـس الحيثي - المصري على بلاد الشام ، إذ يبدو أن تودهيلياس الثاني بعد أن وطد أركان بلاده في الداخل سعى إلى توسيع دائرة نفوذها في الخارج ولاسيما في الجزء الشمالي من بلاد الشام الذي ما انقطع الملوك الحيثيون الأقوياء عن محاولة السيطرة علية ، ولعله أستشعر الخطر المصري في ذلك الوقت الذي بات يهدد باكتساح بلاد الشام بأ كملها مقابل ضعف الميتانيين فسارع لضمان نفوذه في تلك البلاد بالاستيلاء على حلب ، وذلك على الأرجح بعد وقت قريب من الحملة العاشرة التي الترجمة  شنها تحتمس الثالث على بلاد الشام في حدود سنة (1455 ق.م) . 
     غير أن جذوة التنافس خمدت بعد هذا الحادث ، فوجود ملك قوي كتحتمس الثالث لم يكن يسمح للحيثيين لأن يتطلعوا لأبعد من حلب القريبة من حدودهم ، كما أنهم لازالوا حينذاك حديثي عهد بحقبة أضطراب عمت بلادهم من أقصاها الى أقصاها ، هذا في وقت أستمرت بلاد الشام ساحة للتنافس والنزاع بين المصريين من المعتمدة   جهة وبين الميتانيين ومن تحالف معهم من أمراء الشام من جهة أخرى ، ذلك أن الأخيرين لم يسلموا بالهزيمة وسعوا جاهدين للتخلص من الهيمنة المصرية على البلاد ، مما دفع تحتمس الثالث لأن يرسل سبع حملات أخرى لأراضي الشام ، كرست للحفاظ على السلطة المصرية فيها(1)، وكانت أبرزها الحملة السادسة عشرة ، التي جاءت لقمع الثورة التي أعلنها أمير قادش على المصريين  المكتبة  بالتعاون مع مدينة تونيب والميتانيين الذين أرسلوا المئات من جنودهم إلى قادش للإسهام بالدفاع عنها إزاء المصريين ، وقد حققت الحملة الأهداف المرجوة من ورائها واستعاد تحتمس الثالث سيطرته على المدن الثائرة وبالأخص مدينة قادش الإستراتيجية(2) . 
     ونتيجة لتلك الحملات المصرية المتواصلة ، فقد تم  مكتب القضاء على كل لون من ألوان المعارضة للسلطان المصري في بلاد الشام ، ولم يجرأ أي طرف ما على إقلاقه طيلة الفترة المتبقية من حكم تحتمس الثالث التي تقدر باثني عشر عاماً ، سواء كانوا من الميتانيين أو الأمراء الشاميين التواقين لنيل حريتهم ، أو حتى الهكسوس الذين لم يعد لهم أي دور سياسي بعد هذه الأحداث(3)، كما أدت هذه الحملات الى ضمان سير عملية التبادل التجاري بين مصر وبلاد الشام وخاصة مع الساحل الفينيقي(4) . 
     ولكن بعد وفاة تحتمس الثالث وتولي ابنه أمنحوتب الثاني ( 1436-1425 ق.م ) العرش خلفا له ، فإن بعض الولايات في بلاد الشام ثارت على الحكم المصري ورفضت دفع الجزية للفرعون الجديد ، وقد لاقت تلك الثورة تأييدا وقبولا كبيرين لدى الميتانيين الساعين دائماً لاستغلال أية فرصة لاستعادة نفوذهم في هذا الجزء الحيوي من البلاد ، وكأبيه تحتمس الثالث ، فإن امتحنب الثاني نكل بالثائرين(1)، ويبدوا أنه عبر الفرات وهزم الميتانيين وأقام لتخليد ذلك نصبا حجريا على الضفة الشرقية للفرات(2) . 
     وواجه الفرعون تحتمس الرابع ( 1425-1417 ق.م ) ثورة مشابهة أخمدها بالقوة ، ويرجح أنه قام بغارة تأديبية على مملكة ميتاني في أعالي الفرات لدورها على ما يبدو في التحريض عليه(3)، وقد كان هذا آخر ما واجه تحتمس الرابع من اضطرابات في بلاد الشام ، إذ لم نجد ما يشير لعكس ذلك بتاتا ، وحتى المملكة الميتانية التي اشتهرت بعدائها لمصر ، أصبحت من أكثر الممالك قربا إليها بعد هذه الأحداث ، حيث عقد البلدان معاهدة للسلام ، وضعت حدا نهائيا للتنافس بينهما على بلاد الشام ، وتوجت بزواج الفرعون ( تحتمس الرابع ) من أبنة الملك الميتاني ( أرتاتاما الأول )(4)، وهذه أول مرة يتزوج فيها فرعون مصري امرأة أجنبية غير مصرية(5) لتحل على أثرها ( مواكب الزواج ) محل الحملات العسكرية ، وليسود الهدوء والسلام منطقة الشرق الأدنى القديم لاسيما في عهد أمنحوتب الثالث الذي كان في سياسته الخارجية أميل إلى السلم منه إلى الحرب(6) . 
     ومن البديهي القول أن هذا التحسن الملحوظ في العلاقات المصرية الميتانية ، لم يحدث فجأة وبدون مقدمات ، فبعد نجاح تحتمس الثالث في فرض سيطرته على أجزاء كبيرة من بلاد الشام وإيقاع الهزيمة بالميتانيين ، ودخول الحيثيين طرفاً ثالثاً في المنافسة ، أدركت الدولة الميتانية حراجة الموقف ، فسعت جاهدة إلى التخلص منه بشتى الوسائل ، لذا نجدها حينذاك تهادن الحيثيين تارة بالتنازل لهم عن مملكة كيزواتنا كما تقدم ، وتسعى للتقرب إلى مصر وكسب صداقتها تارة أخرى ، لا بل أنها لم تجد حرجا في مسايرة باقي ممالك الشرق الأدنى القديم ، وإرسال الهدايا إلى الفرعون (تحتمس الثالث) الذي اقتطع ممتلكاتها في شمال بلاد الشام وغزاها في عقر دارها شرق الفرات(1) . 
     إلا أن  ترجمة ذلك لا يعني أن الدولة الميتانية تخلت عن مطامعها في بلاد الشام ، بل كانت تخطط وتعمل في الخفاء لاسترجاع ما فقدته هناك ، متى وجدت الفرصة سانحة لتحقيق ذلك وأن جهودها الدبلوماسية للتقارب مع مصر قد باءت بالفشل ، وهكذا نجدها تعمل على خلق الاضطرابات بوجه الفراعنة في بلاد الشام ، بإثارة ودعم العناصر الموالية لها وغيرها من القوى المناوئة للنفوذ المصري في تلك البلاد عشية مجئ فرعون معتمدة  جديد لعرش مصر، ولكن إذا نجح الفرعون الجديد - وهذا ما كان يحصل على الدوام – في قمع الثائرين وبسط النفوذ المصري مرة أخرى على المناطق الثائرة وشرع بمعاقبة الدولة الميتانية على فعلتها تلك ، كما تقدم ، فإن الأخيرة كانت تغير من برنامج عملها السياسي إزاء مصر ، فتبدأ بالإذعان والخضوع لقوة الفرعون الجديد وتحاول كسب وده ورضاه بالهدايا التي كان المصريون على الدوام يعدونها جزية يرسلها تابع إلى سيده ، وهذا ما رأيناه قد حدث مع تحتمس الثالث ، ثم حصل مع أمنحوتب الثاني وتحتمس الرابع(2)، كما استقبل امنحوتب الثاني في مصر بعثة ميتانية جاءت تناشده السلام (( لم يسمع بمثلها من قبل ))(3) . 
     وعلى ما يبدو بأن تحتمس الرابع ترجمة  رأى في سياسة الدولة الميتانية تلك ، مع الانتشار الهائل للعناصر الموالية لها في الجزء الشمالي من بلاد الشام ، تأثيراً لا شك فيه على النفوذ المصري هناك، ولا سيما أنه أقرب للديار الميتانية منه الى مصر(4)، هذا في الوقت الذي أراد فيه تحتمس الرابع على ما يبدو أن يكون عهده ، عهد أمان واستقرار ينصرف خلاله إلى إدارة الإمبراطورية المصرية بطابع يختلف عن الطابع الذي تم فيه إدارتها أيام أبيه أمنحتب الثاني وجده تحتمس الثالث ، وعدا هذا وذاك فإن شؤون مصر الداخلية عشية اعتلاء تحتمس الرابع للعرش لم تكن على ترجمة  ما يرام ، فالصراع كان على أشده بين حزب كهنة أمون ونظرائهم كهنة رع ، وقد وقف الفرعون إلى جانب الأخيرين لكونهم ساعدوه في تولي العرش ، مع أنه لم يكن صاحب الحق الشرعي بذلك ، لانه لم يكن الاكبر من بين اخوته(1) .
     وإزاء ذلك كله وجد تحتمس الرابع أن أفضل الحلول وأيسرها ، التي ستؤدي لاستقرار الوضع في بلاد الشام لصالحه ويجعله يصرف جانبا من اهتمامه لمعالجة القضايا الداخلية المتأزمة ، يتمثل بالتصالح مع الميتانيين(2)، ولاسيما أنهم كانوا على أتم الاستعداد للتجاوب مع مثل هذه المبادرات لتنظيم العلاقات مع مصر ، وقد لاحظنا كيف أنهم أرسلوا مراراً إلى أسلافه الفراعنة للتفاهم على ترتيبات مشابهة دون الحصول على رد مباشر .
     وعليه سارع الملك الميتاني ( أرتاتاما الأول ) للاستجابة للعروض المصرية بالصداقة حال عرض تحتمس الرابع لها ، ولكنه لم يزوجه أبنته إلا بعد أن أرسل الأخير بطلبها سبع مرات، ربما ليحصل لقاء ذلك على هدايا أكثر عدداً وأغلى قيمة(3) .
     ويبدو ان الذي دفع الملك الميتاني للتصالح مع مصر كان لإدراكه أن قضية استعادته للنفوذ الميتاني السابق في بلاد الشام مع الهيمنة المصرية المطلقة هناك ، أصبح أمرا صعبا للغاية ويكلف كثيرا ، إن لم يكن مستحيلاً(4)، كما أن الدولة الميتانية التي كانت تخشى قوة الحيثيين المتنامية أرادت من وراء ذلك التفرغ لمواجهتهم ، إن لم نقل أنها أرادت جر مصر إلى جانبها في تلك المواجهة.
    وهكذا كل طرف وجد مصلحته تقتضي إحلال التحالف الودي محل العداء القديم بينهما ، غير أن ما يهمنا معرفته الآن موقف الدولة الحيثية من الأحداث في بلاد الشام بعد وفاة تحتمس الثالث ؟ وكيف نظرت هذه الدولة للتطورات العملية التي انتهجها الميتانيون للتقرب إلى مصر، التي توجت بعقد معاهدة الصلح بينهما ؟ وكيف انعكست تلك المعاهدة على أوضاع الدولة الحيثية ؟ 
     الحقيقة أن الدولة الحيثية التي اكتفى حاكمها (تودهيلياس الثاني) بالاستيلاء على حلب للاسباب المبينة سلفاً ركزت جهودها لاحقاً لمراقبة الاوضاع في بلاد الشام ،من جانب ،والعمل على اصلاح علاقتها بالمصريين من جانبٍ اخر ، مستغلين كل مناسبة ليتقربوا بها لفراعنة مصر ، وخاصة عندما تتأزم علاقة الأخيرين مع المملكة الميتانية وتؤدي إلى حدوث الصدام المسلح بينهما ، فبالإضافة للهدايا التي تلقاها تحتمس الثالث من الحيثيين بعد حملته الثامنة على بلاد الشام ، فإنه تلقى منهم هدايا مماثلة بعد حملته السادسة عشرة ، التي اصطدم بها مع الميتانيين أيضاً(1)، ترجمة معتمدة  والأمر ذاته تكرر مع أمنحوتب الثاني عندما أوقع الهزيمة بالأخيرين في أوائل حكمه(2) . 
     ولعل السياسة الحيثية تلك كانت ترجمة عملية للضغوط الداخلية القوية التي كانت تواجه الملوك الحيثيين وتغذي الدولة الميتانية جزءاً منها ، كما إنها تعبر عن قلق هؤلاء الملوك وخشيتهم الحقيقية مما يمكن أن يسفر عنه تقارب ميتاني ـ مصري ـ فيما لو حدث ـ من زيادة الضغوط الميتانية على بلادهم ، معتمدين  ولا سيما بعد أن رأينا مبادرة الملوك الميتانيين بالسعي لتحسين علاقاتهم بمصر وطوي صفحة الماضي عبر الهدايا التي كانوا يرسلونها للفراعنة المصريين ، كلما يبادرهم الأخيرون بغزوة أو غارة . 
     غير أن المصريين على ما يظهر لم يتجاوبوا مع الدوله الحيثيه ، ربما لأنهم لم يكون يرونها أنذاك دولة موثره ، ومدوا أيديهم لخصمهم العنيد ( المملكة الميتانية ) للأسباب التي وترجمة تقدم ذكرها ، على أن ذلك لم يكن موجهاً ضد الحيثيين كما يذهب لذلك جل المؤرخين والباحثين(3)، حيث أن الدولة الحيثية لم تكن حينها من القوة إلى حد انها تحمل مصر على مثل هذه الخطوة(4).
     ولكن ذلك لا ينفي القول أن هذه الاتفاقية عادت الترجمة  بصورة غير مباشرة بأفدح الأضرار على الدولة الحيثية ، ففراغ الميتانيين من الصراع مع مصر جعلهم يصرفون اهتمامهم الأكبر للتوسع في المناطق الخاضعة للسيطرة الحيثية في شرق الأناضول وشمال بلاد الشام ، التي كانت على الدوام مثارا للنزاع بين الجانبين ، وقد حققوا نتائج باهرة في هذا الخصوص جاءت متزامنة مع اعتلاء العرش الحيثي من قبل ملوك لم يكونوا بقدر المهمات الملقاة على عاتقهم بالحفاظ على المكاسب الكبرى التي حققها سلفهم ( تودهيلياس الثاني ) في بناء الإمبراطورية الحيثية .
     فمملكة حلب التي تعد الرمز الوحيد للنفوذ للترجمة الحيثي في بلاد الشام آنذاك ، خلعت تبعيتها للحيثيين وأعلنت ولاءها للميتانيين في عهد الملك الحيثي خاتوشيليش الثاني (1420-1400 ق.م) ، مما انعكس بالتالي انعكاسا سلبيا على الأوضاع الداخلية للمملكة الحيثية ، فعدم قدرة الأخيرة على إعادة نفوذها على بلاد الشام ربما أشعرت شعوب الأناضول التابعة لها بضعف ملوكها ولاسيما تودهيلياس الثالث (1400- 1380 ق.م) الذي لم يكن في حقيقة الأمر بمستوى الموقف المتأزم ، فانحدرت المملكة الحيثية في عهده لحافة الانهيار، إذ نقضت مملكة كيزواتنا ميثاقها معه وأنظمت للميتانيين(1)، وحدثت ثورات كبيرة في شتى أقاليم الإمبراطورية(2)، بعضها بتحريض من الميتانيين ، مما أدى لأن يفقد الحيثيون السيطرة على المناطق الجبلية الواقعة في أعالي نهر الفرات وشرقي بلاد الأناضول(3)، وحتى العاصمة الحيثية ( خاتوشاش ) لم تسلم من النهب والتخريب آنذاك ، فأحد النصوص الحيثية يتحدث عن إحراقها في تلك الاضطرابات بفعل من أسماهم بالأعداء(4) .
      ولعل الميتانيين كانوا ضمن هؤلاء الأعداء ، إن لم يكونوا وحدهم من قام بهذا العمل ، حيث أشار الملك الحيثي ( شوبيلوليوما ) إلى الاعتداءات التي مـارسها الملك الميتاني (توشرتا) ضد بلاده(5)، والتي أتخذ منها ذريعة لغزو المملكة الميتانية والأراضي التابعة لها في شمال بلاد الشام ، ومن ثم التوغل في مناطق النفوذ المصري هناك ، مما عد البداية الحقيقية للتنافس موضع البحث ، وهذا ما سنتاوله في الفصل القادم .
من الترجمة المعتمدة :
     مما لاشك فيه أن العامل الاقتصادي كان وما زال العنصر المحرك والفعال للكثير من المشاكل والحروب على وجه هذه المعمورة ، ولا يستثنى موضوع بحثنا هذا من دوافع اقتصادية فعالة ومهمة أسهمت في نشوئه وتأجيجه ، فبلاد الشام ( ساحة التنافس ) تتمتع بمزايا اقتصادية كبيرة جعلتها محط أنظار الغزاة والطامعين منذ أقدم العصور ، فعلى أرضها نمت أقدم المستوطنات الزراعية في أريحا ، ويرجح بعض العلماء أن زراعة القمح والشعير وبعض الأشجار كالتين والزيتون والكرمة قد انتشر من بلاد الشام إلى المناطق المجاورة ، ناهيك عن أن النحاس والخزف عرف لأول العهد في بلاد الشام ، ومن ثم انتشر إلى باقي بلدان الشرق الأدنى القديم ، كما ساد اعتقاد لدى هؤلاء العلماء أن بعض الحيوانات ، كالثور والغنم والماعز والخنزير وبعض الطيور كالحمام ، انتشرت من بلاد الشام إلى المناطق المجاورة(1) .
     وعلى سفوح جبال لبنان الغربية ترجمة معتمدة  نمت غابات الأشجار ، ولاسيما أخشاب الأرز التي شكلت ثروة هائلة بيد سكانها ، لندرتها في باقي أقطار الشرق الأدنى ، مما أدى إلى تهافت تلك الأقطار للحصول عليها وخصوصا مصر التي اعتمدت عليها في بناء مقوماتها الحضارية(2) . 
     وفضلاً عن ذلك تعد بلاد الشام حلقة وصل رئيسيه للمواصلات التجاريه بين أقطار الشرق الأدنى القديم ، بصورة خاصه ، وبين الشرق والغرب بصورتةً عامه(3)، وبفضل أمتدادها الشاسع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط مارس سكانها التجارة مع العالم منذ أقدم العصور.
     وبالنظر لهذه المزايا ، فقد مر بنا كيف أقام ملوك السلالات المصرية القديمة علاقات وطيده مع أمراء وزعماء القبائل في بلاد الشام ، لاستيراد ما يحتاجه المصريون من بضائعها وسلعها وخاصة أخشابها النادرة ، ولتصدير ما تحتاجه هذه المدن من بضائع مصرية متنوعة ، ولاسيما البردي الذي اشتهرت به مصر قديماً ، وللمحافظة على هذا النشاط التجاري المكثف وتعزيزه ، فقد جهد أولئك الملوك لتقوية أواصر الصداقة والتعاون مع المدن الشامية التي تربطها بمصر علاقات تجارية ، لاسيما مع مدينة جبيل ، التي أقامت فيها آنذاك جالية تجارية مصرية لهذا الغرض ، وليس ذلك فحسب، بل إن الفراعنة القدماء اعتبروا مسألة الحفاظ على مصالحهم التجارية مع بلاد الشام أمرا حيويا وضروريا  لبلادهم لا يمكن التهاون فيه ، أو التغاضي عنه ، حتى لو استوجب الأمر استخدام القوة المسلحة للحفاظ على هذه المصالح ، وقد رأينا التعامل الحازم الذي أبداه ملوك الدولة المصرية القديمة وملوك الدولة الوسطى في الرد على الاعتداءات التي كانت تتعرض لها قوافل التجارة المصرية المتجهة براً لبلاد الشام(1) . 
     وفي فترة الاضطراب والفوضى التي عمت مصر القديمة بعد سقوط الأسرة السادسة ، تحسر المصريون كثيرا على فقدهم صلاتهم التجارية مع بلاد الشام لاسيما خسارتهم لأخشاب الأرز ، فهذا أحد النصوص المصرية يعكس هذا الشعور ويبين لنا أهمية تلك الأخشاب في حياة المصريين القدماء (( والآن وقد أصبح ولا أحد يمكنه أن يبحر إلى بيلوص فكيف يمكننا أن نجلب لمومياتنا خشب الأرز الذي كنا نصنع منه لتوابيت الكهنة والذي كان يستعمل صمغه لتحنيط العظماء ))(2)، وتدل قصة سنوهي في هذا الخصوص على وفرة خيرات بلاد الشام وتنوعها ودهشة المصريين لما شاهدوه منها(3). 
     ولما اندفع المصريون للسيطرة على بلاد الشام في القرن السادس عشر قبل الميلاد ، كان أهم دوافع توجهم يتمثل بالرغبة في الاستحواذ على خيراته وخصوصا أخشاب الأرز النادرة(4)، ولتأمين طرق التجارة معه ، أو التي تمر عبره إلى البلدان المجاورة له ، وذلـك من اعتداءات الهكسـوس(5)، وغيرهم ممن اعتادوا التعرض لقوافل التجارة المصرية سابقـا ، وهكذا فـإن 
ترجمة معتمدة  مكاتب ترجمة معتمدة - مصر - القاهرة - 140online
الفرعون أحمس الأول ( 1575- 1555 ق.م ) توجه لبلاد الشام في أواخر أيامه ((لجلب الغنائم من فينيقيا))(1)، فأحضر منها كميات كبيرة من أخشاب الأرز ، وصنع منها سفينة لمعبودة أمون ، وكذلك الحال بالنسبة لتحتمس الأول(2)، الذي شرع أيضا بفرض الجزية على سكان بلاد الشام وضمنها أخشاب الأرز بالمقام الأول(3) .

هناك تعليق واحد:

  1. مكتب ترجمة معتمد / مكاتب ترجمة فى القاهرة - مكتب ترجمة - مكتب ترجمة معتمد من السفارة الامريكية من السفارة البريطانية من السفارة الالمانية .
    العربية لخدمات الترجمة 0 999
    ))
    thanks

    ردحذف